الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

هل أمست يتيمة!!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

بسم الله الرحمن الرحيم

كل إنسان على وجه البسيطة من عرب وعجم ومن مختلف الألوان والأعراق، يحترم لغته ويعتز بها؛ ﻷنها جزء من تركيبته الوجدانية والعاطفية، وهي جزء ﻻ يتجزأ من تاريخه وتراثه، وهي مِنْ قبلُ ومن بعدُ لغة التفاهم بينه وبين أقرب وأحب الناس: أهله وذويه، وهي اللغة التي فتح عينيه على قوم يتكلمون بها، فكانت أول ما طرق سمعه ونقش في وجدانه..

اضافة اعلان

فكيف إذا كانت لغتنا هي ما تقدم ثُمَّ كانت لغة القرآن واﻹيمان والعبادة، اللغة التي فضلها رب العالمين فجعلها لغة كتابه ودينه..

اللغة التي تعلمها فرض على كل مسلم ليقوم بما فرض عليه من عبادة ﻻ تصح إلا بلغة دينه وهي لغة العرب،،

لغتنا كانت في عهد من العهود الماضية لغة العالَم.. كانت لغة العلم والأدب والحضارة يوم كانت دول الغرب التي تقود العالَم اليوم - للأسف حضارياً وعِلْميّاً وثقافياً - تَغُطُّ في سبات عميق من الجهل والظلام والفوضى والتخلف في كل شيء، ثُمَّ حين طرقت حضارة الإسلام تخوم أُورُوبا عبر الأندلس وغيرها من منافذ النور والحضارة بدأت أوروبا تستيقظ، وأخذت بأسباب العلم والحضارة والرقي في جامعات الأندلس، فقدم أبناء اﻷُسر الأُورُوبِّيّة الطامعون في العلم إلى الأندلس للنهل من مناهل العلم باللغة التي حضنت العلم، وارتفت به وهي لغة الضاد، حتى لقد جاء على الأُورُوبّي الذي يريد أن يشمخ بأنفه على أقرانه ويفتخر على لداته في محيطه اﻻجتماعي الأُورُوبّي بعد عودته إِلَيْهَا من الأندلس فإنه يتحدث بالعربية التي كانت رمزاً للتفوق وعلامة على التحضر والتقدم، ومقياساً للثقافة الراقية.

بل لقد درس بعض أبرز الشخصيات الأُورُوبِّيّة في عصورهم المظلمة في جامعات الأندلس، ومنهم البابا سلفستر الثاني بابا روما "من999 إلى1003م" الذي تعلم في قرطبة، وأتقن اللغة العربية، ونقل الكثير من علوم المسلمين إلى أُورُوبا.

لغتنا هذه التي حباها الله بهذه المنزلة، وجعلها لغة كتابه ودينه، ولغة أهل الجنة، اللغة التي ﻻ يوجد بين لغات الدنيا ما ينافسها في خصائصها ومزاياها، هذه اللغة التي يعظمها أكثر من مليار ونصف المليار من سكان اﻷرض حول العالم تواجه مع أعظم اﻷسف واﻷسى إهمالاً واحتقاراً من أبنائها والدليل:

هذا الغزو للألفاظ الأجْنَبِيَّة لتكون عناوينَ للمحلات التجارية، والعيادات، والمشاغل، والمطاعم..

هذا الغزو لكثير من أسماء المواليد، خَاصَّة البنات من لغات غير لغة القرآن، وكأن لغتنا قد عقمت أو انتهت صلاحيتها..

هذا الغزو ﻷسماء منتجات تُنتج في البلاد الإسلامية، وﻻ يوجد ما يستوجب تسميتها بلفظ غير عربي!

هذا الضعف الشديد البادي على طلاب المدارس والجامعات في تعلم وإِتْقَان الحد الأدنى من لغتهم..

هذا الغزو الذي فتحت له الصدور للشعر العامي الذي تجاوز الحدود؛ حتى غزا عقر الجامعة، والمدرسة، ووسائل الإِعْلَام، والاحتفاﻻت.. ؟؟

وهنا أسأل:

أين حماة اللغة العربية؟

ولن تجد صعوبة أخي القارئ في تحديد المعني بقولنا: "حماة اللغة العربية"..

فهم أساتذتها، والأدباء، والعلماء الشرعيون، والمربون، وكل صاحب هِمَّة علمية ودعوة شرعية..

والجامعات تتحمل أكبر المسؤولية، وأعظم التَّبِعَة في هذه السبيل..

وأما الوزارات ففي مقدمتها وزارة التعليم، ثُمَّ وزارة الإعلام والثقافة، ووزارة الشؤون الإسلامية، ولكل وزارة نصيب من هذه المسؤولية.

وَأَخِيرَاً، فإننا ننتظر على أحرّ من الجمر القرارات النافذة من الجهات الموقرة؛ للحفاظ على مكانة اللغة العربية في عقر دارها.

أبها في 27/6/1438

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook