الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

خطيب المسجد الحرام: الاستمساكُ بدين الله والاستقامة سبب سعادة الدنيا والآخرة

C7Hlr67XUAA95hX
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل ـ واس:

أمَّ المصلين فضيلةُ الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط إمام وخطيب المسجد الحرام. واستفتح فضيلة الشيخ أسامة خياط خطبته بحمد الله وشكره والثناء عليه, ثم قال : لئنْ كانَ لكل امرئٍ وجهةٌ هو مُولِّيها وجادَّةٌ هو سالكُها؛ فإنَّ الموفَّقين من أُولي الألباب الذين يمضونَ في حياتهم على هُدًى من ربهم، واقتفاءٍ لأثر نبيهم -صلواتُ الله وسلامُه عليه- لا يملِكونَ -وهم يأسُونَ الجِراحَ، ويتجرَّعون مرارةَ الفُرقَةِ، وغُصَصَ التباغُض والتدابُر- لا يملِكونَ إلا أنْ يذكروا آياتِ الكتاب الحكيم وهي تدلُّهم على الطريق، وتقودُهم إلى النجاة؛ إذْ تُذكِّرُهم بتاريخ هذه الأمة المشرقِ الوضِيء، وتُبيِّنُ لهم كيف سمَت وعلَت وتألَّق نجمُها وأضاء منارُها، وكيف كان الرَّعيلُ الأول منها مُستضعفًا مهيضَ الجناح، تعصِفُ به أعاصيرُ الباطل، وتتقاذفه أمواجُ المِحن، وتعبِسُ له الأيَّامُ، وتتجهَّمُ له الوجوهُ، وترميه الناسُ عن قوسٍ واحدة، فآواه الله ونصرَه نصرًا عزيزًا مُؤزَّرًا، وأسبغَ عليه نعَمَه، وأفاضَ عليه البركات، ورزقَه من الطيبات قال تعالى ((وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون)).

اضافة اعلان

وأوضح فضيلته وهو إيواءٌ إلهي، وتأييدٌ ربَّاني منَ اللهِ القويِّ القادِرِ القاهِرِ الغالِبِ على أمره، تأييدٌ مُحقِّقٌ وعدَهُ الذي لا يتخلَّفُ لهذه الأمة بالاستخلاف في الأرض والتمكينِ، بتبديل خوفها أمنًا إنْ هي آمنتْ بالله، وحقَّقَتْ توحيدَهُ، وعمِلَتْ بمقتضاهُ.

وأضاف فضيلة الشيخ وإنَّ آياتِ الكتابِ الحكيمِ لتُذكِّر -أيضًا- أنَّ الاستمساكَ بدين الله، والاستقامةَ على منهجه واتباعَ رضوانه، وتحكيم شرعه، لا يقتصرُ أثرُه على الحَظوة بالسعادة في الآخرة فحسب؛ بل يضمنُ كذلك التمتُّعَ بالحياة الطيبة في الدنيا، بطمأنينة القلب، وسكون النفسِ، وبلوغ الأمل، وتلك سنةٌ من سُنن الله في عباده لا تتخلَّفُ ولا تتبدَّل قال سبحانه وتعالى في محكم التنزيل ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)).

وأشار خياط أنَّ الصلة وثيقةٌ بين هذه الأرضِ وبين ما نعمُرُها به وما نُقدِمُ عليه من أعمالٍ؛ فإن مضَتْ على طريقٍ قويمٍ، وسبيلٍ مستقيمٍ، قائمٍ على إدراك الغاية من خلق الإنسان، وتحقيق العبودية لله رب العالمين، والمُسارعة إلى رضوانه؛ فإنَّ الله يُفيضُ عليهم من خزائن رحمته، ويُنزِّلُ عليهم بركاتٍ من السماء، ويُفيءُ عليهم من خيرات الأرض، كما عبَّر عن ذلك نوحٌ - عليه السلام - في دعوته لقومه وحثِّه لهم على الإيمان بربهم والاستغفار لذنوبهم ويقول عز وجل ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)).

وبيّن فضيلته أنّ أصحابَ البصائر لا يملكونَ- وهم يسمعون نداءَ اللهِ يُتْلَى عليهم في كتابه- إلا أنْ يستجيبوا لله وللرسول-صلى الله عليه وسلم-؛ إذ هي دعوةٌ تحيا بالاستجابة لها القلوب، التي لا حياةَ لها إلا بالإقبالِ على الله تعالى وتحقيق العبودية له، وبمحبته وطاعته، والحذر من أسباب غضبه، وبمحبة رسوله - صلى الله عليه وسلم- والاهتداء بهديه، واتِّباع سُنَّته، وتحكيم شرعِه:

فهو – سبحانه - يحُول بين المؤمن وبين الكفر، كما يحولُ بين الكافر وبين الإيمان، كما قال حَبرُ الأمة وترجمانُ القرآنِ، عبدُ اللهِ بنُ العبَّاسِ، رضي الله عنهما.

فاتَّقوا الله - عباد الله - واستجيبوا لله وللرسول، واذكروا أنَّ المجدَ والرِّفعةَ والسُّؤددَ هي لمن اتَّبعَ هُدى ربِّه، وسار على منهجه.

وأوصى فضيلة الشيخ المصلين -في ختام الخطبة- بتقوى الله عز وجل ، قائلاً: إنَّ المؤمنَ حينَ يقِفُ على مُفترَقِ طُرُقٍ، وحينَ تُعرَضُ عليه شتَّى المناهج؛ لا تعتريه حيرةٌ، ولا يُخالِجه شكٌّ في أنَّ منهجَ ربِّه الأعلى، وطريقَهُ هو سبيلُ النَّجاةِ وطريقُ السَّعادةِ في حياتِهِ الدُّنْيَا وفي الآخرة.

وفي آيات الذِّكرِ الحكيم مما قصَّ اللهُ علينا من نبأ أبينا آدم - عليه السلام - حين أُهبِط من الجنة؛ لإغواء الشيطان له أوضحُ الأدلَّةِ على ذلك، فأما المُتَّبعُ هُدى ربِّه فهو السعيدُ حقًّا.

وأما المُعرِض عن ذكر ربِّه: بمخالفة أمره وأمر رسوله، صلى الله عليه وسلم؛ فهو الشَّقيُّ الخاسرُ حقًّا.

وضَنْكُ المعيشةِ في الدُّنيا -كما قال الحافظُ ابن كثيرٍ رحمه الله- "بأنْ لا يجدَ طمأنينةً، ولا انشراحًا لصدره؛ بل صدرُه ضيِّقٌ حرِجٌ ... وإن تنعَّم ظاهرُه، ولبِسَ ما شاء، وأكل ما شاء، وسكنَ حيث شاء؛ فإن قلبه -ما لم يخلُص إلى اليقين والهُدى- فهو في قلقٍ وحيرةٍ وشكٍّ، فلا يزالُ في ريبه يتردَّد"ـ.

أعاذنا الله منها، ومن العَمَى بعدَ الهُدَى، وجعلنا ممنْ أنابَ إلى ربِّه وتابَ إليه فهدى.​

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook