الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

التوعية قبل التجريم

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

نشرت وزارة الصحة خبراً حول إدراج هز الطفل، المؤذي له، ضمن لائحة الحماية من الإيذاء. ومن المعلوم أن أي إجراء نظامي يهدف إلى حماية الضعفاء في المجتمع، بما يتوافق مع الهدي النبوي يعد من الخير الذي ينبغي الحرص عليه والتواصي به، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ) رواه ابن ماجه وأحمد.

اضافة اعلان

ولكن في كثير من الحالات التي تتعلق بالقضايا الاجتماعية أو النفسية أو التربوية، تزداد الحاجة إلى النظر إلى الصورة كاملة قبل أن تستغرقنا بعض الجزئيات، التي قد تكون مهمة في ذاتها، ولكنها قد تفقد أهميتها إن لم تتكامل مع بقية أجزاء الصورة.

لا شك أن هزّ الطفل يعد من السلوكيات الخطيرة التي قد تؤدي إلى الإضرار بالجهاز العصبي للطفل، وربما تسبب في وفاته أو شلله! وقد كانت بعض مراكز الرعاية الصحية الأمريكية تشتكي من تلك الممارسة التي تقوم بها بعض المربيات أو جليسات الأطفال لإسكاتهم عن البكاء في غياب والديهم، لأنها تسبب خللاً في الدماغ بارتطامه بداخل الجمجمة عدة مرات عنيفة، مما يسبب كدمات وتورماً أو نزيفاً في الدماغ. وقد تمارسها أحياناً بعضُ الأمهات المحبطات أو اللواتي يعانين من أعراض نفسية كالقلق أو الاكتئاب، أو من يتعاطين المخدرات أو الخمور، أو حتى من يعانين من ضعف في قدرتهن على التعامل الفاعل مع بكاء الطفل.

وفي المقابل أيضاً، لا توجد أجهزة رعاية للطفل تضاهي أو تقارب عناية الوالدين أو حرصهما على سلامة أطفالهما. وبالتالي فإن هذه النقطة ينبغي أن تكون المرتكز الأول للتعامل مع سلوك سلبي مثل هز الأطفال العنيف.

من المؤكد أن لدينا في المجتمع فئات متفاوتة المستوى في الوعي والرغبة في توفير حياة أفضل لأطفالهم. وحول قضية هز الأطفال تحديداً، هناك مَن يدرك الخطرَ ويتجنبه، وهناك مستهترون لا يكترثون لهذه المخاطر ولا يهتمون بزيادة وعيهم حولها! والفئة الأكبر والأهم تتمثل في عامة الناس الذين يجهلون مخاطر هذه الممارسة الخاطئة، التي غالباً ما يقومون بها جهلاً، فهل نالت قدراً كافياً من التوعية حول هذه الأمر؟!

ولعله أيضاً من الضروري أن تكون المنظومة متكاملة لسلامة الطفل، فكما نطالب الأسواق بوضع تحذيرات على الأجهزة الخطرة على الأطفال، فيجب على رجال المرور تفعيل نظام المخالفات على مَن يقود سيارته محتضناً طفله، أو مَن يُجلسه في المقعد الأمامي بلا حزام، أو من يقود سيارته وقد أخرج الطفلُ رأسَه وربما أكثر من النافذة!

سلامة الأطفال قوتها في أضعف حلقة فيها، فليس من المنطقي أن نركز على جوانب قد تكون مثار جدل، وصعوبة إثبات، بينما نترك القضايا الواضحة دون علاج! وكأننا نرضى فقط بإصدار القانون الذي ينص على العقوبة، ثم نحتفظ بها في الأدراج ونعود لنبحث عن قضايا لا توجد بشأنها عقوبات لنثيرها أمام الرأي العام، بينما قضايانا السابقة التي صدرت فيها أنظمة العقوبات تشتكي كونها حبيسة الأدراج ولم تخرج إلى حيّز التنفيذ إلا في حالات قليلة!

د. محمد بن عبدالعزيز الشريم   @mshraim

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook