الخميس، 16 شوال 1445 ، 25 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

«خطيب النبوي»: التفكر في مخلوقات الله يزيد المرء إيماناً

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - واس:

تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم عن عظيم ما خلق الله سبحانه من مخلوقات في هذا الكون الواسع، تدل على عظمته سبحانه، وتوجب التفكّر فيها، والمسارعة إلى التوبة وصرف العبادة له الواحد الأحد خالق كل شيء.

اضافة اعلان

وأكد فضيلته أن أحسن ما أنفقت فيه الأنفاس هو التفكرّ في آيات الله وعجائب صنعه، والانتقال منها إلى تعلّق القلب والهمة به دون شيء من مخلوقاته، مبيناً أن آيات الربّ هي دلائله وبراهينه التي بها يعرف العباد ربهم بصفاته وتوحيده، وأن التفكّر في مخلوقات الله عبادة وهداية، وهو مبدأ الخيرات ومفتاحها، وبه يعظّم العبد ربه ويزداد إيماناً ويقيناً، ويفتح بصيرة القلب وينبهه من غفلته ويورثه حياة وتدبراً ومحبة لله وتذكراً.

وبيّن أن التفكّر في آيات الله من أفضل أعمال القلوب وأنفعها، يدعو إلى العمل ويلزم صاحبه الاستسلام لله، إذ قال سفيان بن عيينه رحمه الله (التفكّر مفتاح الرحمة، ألا ترى أن المرء يتفكّر فيتوب).

وأضاف، أن التفكّر من خير ما يوعظ به العباد، قال سبحانه: " قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ".

وقال فضيلته: إذا المرء كانت له فكرة ففي كل شيء له عبرة، والقرآن العظيم مملوء بدعاء الخلق إلى التفكّر في الآيات والنظر في المخلوقات، فقال عز وجل "أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ".

وفي مخلوقات الله عبر وعظات أمر الله إلى التفكّر فيها فقال جل وعلا " قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ " وأوضح الشيخ عبدالمحسن القاسم، أن العقول التامة الذكية هي التي تدرك الأشياء بحقائقها، والله أثنى على المتفكرين من خلقه بأنهم من أولوا الألباب، فقال سبحانه " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاختلاف اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ".

وبيّن أن الله سبحانه ذمّ المعرضين عن التفكّر فقال " وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ".

كما أن من عقوبات الله صرف آياته عن المستكبرين، فقال عز وجل " سَأَصْرِفُ عَنْ آياتيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا " قال الحسن البصري رحمه الله (يمنعهم التفكّر فيها).

وأفاد فضيلته أن الشمس من آيات الله اليومية العظيمة، قال سبحانه " وَمِنْ آياتهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ".

وبيّن فضيلته أن خسوف الشمس تخويف من الله لعباده، فقال عليه الصلاة والسلام (إن الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما من آيات الله يخوّف الله بهما عباده، فإذا رأيتم كسوفاً فاذكروا الله حتى ينجليا). رواه مسلم

وذكر أن الشمس مخلوقة، فلا تعبد ومن الشرك السجود لها، فقال تعالى " لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ"، كما اتخذ الأنبياء من غروبها أسلوباً في الدعوة إلى الله، فاحتج إبراهيم عليه السلام على ألوهية الله وبطلان عبادته بمغيبها، قال تعالى: " فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ"، والمسلم لا يتحرى بصلاته عند طلوع الشمس أو غروبها، فإنها عندئذٍ يسجد لها بعض الكفّار، ولسجود بعض الناس لها ينتصب الشيطان لها عند طلوعها وعند غروبها يوهم نفسه أنهم يسجدون له، ولسدّ ذريعة عبادتها نهي المسلم أن يتحرى صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فقال عليه الصلاة والسلام: (لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بقرني الشيطان). رواه مسلم

وأشار إلى أنه عند زوال الشمس كل يوم موعظة للمؤمن، فإن النار تسجّر أي تملأ وتوقد في هذا الوقت، فتكره الصلاة حينها، قال عليه الصلاة والسلام (فإن حينئذٍ تسجّر جهنّم) رواه مسلم، وطلوع الشمس من غير مجراها إمارة على قرب الساعة، وإذن من الله بخراب العالم، قال عليه الصلاة والسلام (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا جميعاً وذلك حينئذٍ لا ينفع نفس إيمانها) رواه مسلم.

وذكر أن في الجنة لا شمس ولا زمهرير، فهي منوّرة بنور الله، وأعظم نعيم أهل الجنة رؤية الله تعالى، فيرونه كما يرى أهل الدنيا الشمس وسط النهار ليس دونها سحاب، قال الصحابة رضي الهر عنهم: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال هل تضارّون في الشمس ليس دونها سحاب، قالوا لا يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه كذلك) متفق عليه.

وختم فضيلته الخطبة مؤكداً أن جميع المخلوقات من الذرة إلى العرش دالة على الله، والكون جميعه ألسنة ناطقة بوحدانيته، مضيفاً أن النظر النافع ما كان بالبصائر لا بالأبصار فحسب، وأن على المسلم أن يُعمل عقله وفكره لمحاسبة نفسه وإصلاح قلبه، وذكر الله وتعظيمه والإقبال عليه بالطاعة وتوحيده وإفراده بالعبادة وتسبيحه، والحذر من الغفلة والإعراض عن عبادته.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook