الأربعاء، 15 شوال 1445 ، 24 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

صدمة للعلمانيين العرب

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
   

من أبرز الأسباب التي أدت إلى فشل المشروع العلماني، رؤيته وموقفه من الدين، وتصوره للدور الذي يمكن أن يقوم به في نهضة المجتمعات العربية والإسلامية.

اضافة اعلان

العلمانيون، على وجه التدقيق، ليسوا سواء في موقفهم من الدين، حيث يرى غالبيتهم أن الدين موقعه في دور العبادة وفقط، وليس له من دور خارج تلك الدور، وأن محاولة الزج به في مجالات الحياة المختلفة يفسد الدنيا، ويفسد الدين معاً؛ لأنه ما جعل إلا ليكون علاقة روحية خالصة، والدنيا قوامها المادة الغليظة.

أما الصنف الآخر منهم فيرى أن الدين، أي دين، هو وراء ظاهرة التخلف، وأن طرح الدين جانباً، هو الخطوة الأساسية في بناء مشروع نهضة الأمة؛ إذ الدين يعتمد على الغيبيات التي تفسد العقل؛ ومن ثم لا يمكن أن يكون مفيداً في بناء الحضارات والأمم التي تحتاج إلى عقل مشبع بروح المادة، ويحسن معها صنعاً.

والذي لا ريب فيه أن كلا الفريقين قد أخطأ في فهمه، وضل في مقصده، وإنما أوتي من قبل العقل الذي يفخر به ويسعد، حيث ساوى بين غير المتماثلين، ووضع الأديان كلها في سلة واحدة، وقذف بها خارج إطار الدنيا، لاعتبارات ليس بينها كبير اختلاف برأينا.

فهم قد ارتدوا إلى العصور الوسطى المظلمة في أوروبا، ورأوا كيف كانت الديانات المحرفة، آنذاك، معوقاً رئيساً للعلم؛ إذ وقف الرهبان والقساوسة، بالمرصاد للعلم والعلماء، ورأوا فيهم خطراً داهماً على قدسيتهم ومكانتهم التي انتزعوها ظلماً وزوراً.

انطبع ذلك التصور في عقول وقلوب أصحاب المشروع العلماني، ونظروا إلى حال أمتنا، فرأوا تخلفاً كتخلف القرون الوسطى، فعزوا ذاك التخلف إلى الدين ذاته، ولم يجهدوا أنفسهم في رؤية العلل، وتحليل أسباب التخلف في هذه الأمة، وانطلقوا برؤية نفسية مخاصمة للدين؛ كي ينحوه جانباً، كما فعلت أوروبا.

إنهم لم يفهموا ديننا جيداً حتى يحكموا عليه، ولو فعلوا ذلك برؤية علمية منصفة لتغيرت وجهتهم؛ إذ إننا أمام دين ينعى على أصحابه التخلف، ويحملهم المسؤولية كاملة، عن تلك الرجعة الحضارية، وهم الذين خلقوا كي يكونوا خير أمة أخرجت للناس، ليس فقط في مجال الدين، وإنما كذلك في مجال الدنيا.

ولذا فإن فشل المشروع العلماني، في الأساس، يرجع إلى رؤيتهم للدين، وموقعه من النهضة المنشودة، فنحن لسنا في القرون الوسطى، وديننا ليس رهبانية مبتدعة، وعلماؤنا ليسوا أولئك الرهبان والقساوسة، الذين خاصموا العلم والتقدم، ولن تكون نهضة في أوطاننا وبلادنا بلا دين.

والمدهش الذي قد يشكل صدمة للعلمانيين أن الشعوب العربية، لا سيما الشباب، الذين هم عماد المشروع النهضوي لا يقفون على ذات الأرضية التي يقف عليها رواد المشروع العلماني؛ إذ يرون للدين دوراً بارزاً في الحياة وفي الشؤون العامة.

وهذا ما كشفت عنه بوضوح دراسة حديثة أجرتها شركة بن شوين بيرلاند - ومقرها الولايات المتحدة الأمريكية - في 16 دولة، وشملت شباباً تتراوح أعمارهم بين 18 و26 عاماً، حيث خلصت إلى أن أكثر الشباب العربي في 16 دولة يقولون: إن الدين يلعب دوراً كبيراً في الشؤون العامة.

وهو ما يعني بوضوح أن كل مجهوداتهم السابقة والحالية، كغثاء السيل، إذا ما زالت الأكثرية العربية، خاصة من فئة الشباب يسيرون في اتجاه معاكس تماماً لما أراده رواد المشروع العلماني في عالمنا العربي والإسلامي.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook