الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

وجعي على وجع النساء

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

أنهت صاحبتي محادثتي الهاتفية معها بزفير مُحرق.. أعقبته بجملة واحدة (وجعي على وجع النساء)، كنا نتحدث عن (انحراف تطبيق الأحكام الشرعية) في ما يتعلق بالمرأة ومعاناة إحداهن من زوجها الذي ضيّع نفسه وضيع حق ربه عليه بالعصيان قبل أن يضيع حق زوجته عليه بالنكران والعلاقات المحرمة، بعد حصول مقالي الأخير (رحلة المودة والعبث الإعلامي) على أكثر من 60 ألف مشاهدة في وقت قياسي، ولم أرد على جملة صاحبتي تلك، فقد بقيت هذه الجملة والتي تمثل شطراً من قصيدة للشاعرة السودانية روضة الحاج، تعصف بي وأنا أتأمل واقعنا المؤلم.

اضافة اعلان

أقول (واقعنا) لأن هذه المكالمة سبقتها مكالمة أخرى مع (صديقة مستشارة) تعمل في أحد مراكز الاستشارات الأسرية، وتختص بالمشكلات الزوجية، التي تواصلت معي لتحكي (حالة الاكتئاب) التي أصابتها بسبب ما يصلها من مشكلات في السنين الأخيرة، وأنها في كل مرة تضطر أن تلتزم الصمت وتقترح على الزوجة التغاضي المؤقت والدعاء وتكرار المحاولات لإصلاح ما فسد، مع بعض النصائح لمساعدة الزوجة في احتواء الأضرار التي تسببت بها هذه المشكلة عليها ذاتها، مع أنها –أي المستشارة- موقنة أن في بعض الحالات تصبح الحياة مع رجل يعصي الله جهاراً نهاراً بارتكاب الفاحشة أو مقدماتها، له من المخاطر على (دين وعرض) المرأة -التي تلجأ للانتقام بفعل المثل-، و(نفسيتها) و(أطفالها) ما ينطبق عليه وصف (التهلكة) الوارد في الآية، والأشد مرارة أن أغلب تلك المشكلات تدور في دائرة (الخيانات) وأغلبها بدأت بـ(خيانات إلكترونية)!

ولم يكن ذلك مبالغة ولا تضخيماً من صاحبتي فـ(الخيانات الإلكترونية) من الجنسين دون استثناء، حوَّلت (مواقع وتطبيقات) التواصل والشبكات الاجتماعية من (نعمة) تُشكر إلى (مِعوَل) تُهدَم به البيوت المطمئنة، وتمسخ به القلوب التقية، وتهجر السكينة حياة من وقع في شراكها، حتى سار (مجتمعنا) على أثر (مجتمعات غربية) سبقته فمن بريطانيا التي أكدت دراسة جديدة لمؤسسة مؤشر الإنترنت العالمي في لندن أن الخيانة هي العنوان الصارخ للعلاقات التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة على الإنترنت وتلتها دراسة أعدها مكتب المحاماة «سلاتر أند غوردون» أكدت أن واحدة من كل سبع حالات طلاق يقف وراءها موقع «فيسبوك»، إلى فرنسا حيث عنونت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريراً لها عن الموضوع بعنوان مثير للجدل هو "الإنترنت أعطت للخيانة أجنحة جديدة"، وليس انتهاء بألمانيا، حيث أكدت دراسة أن موقع فيسبوك في مقدمة المواقع التي تسببت في طلاق الألمان والألمانيات يليه موقع تويتر وغيرها، وهو ما يعني أن الإنترنت بما فيه من تطبيقات تواصل وشبكات اجتماعية دخل في قائمة أهم مسببات الطلاق!

كل ما سبق يجعلنا نتعمق في قراءة ما يتعلق بالانفصال الزوجي في ما نشرته وزارة العدل للعام الهجري ما قبل الماضي 1435هـ، وهي أرقام مفزعة حيث لدينا (75.409) بيت انهار أغلبها، ولا يزال المتبقي في الطريق كونه منظوراً في المحاكم، وهي تنقسم إلى 54.471 حالة طلاق بمعدل (7 حالات طلاق مقابل كل 10 حالات زواج)، و10.469 دعوى فسخ بمعدل (29 دعوى منظورة في اليوم الواحد)، و2.033 دعوى خلع بمعدل قارب (6 دعاوى منظورة يومياً)!

إذا كنت قد استعجلت ولم تقرأ الأرقام السابقة، فأقترح عليك معاودة القراءة؛ لأننا أمام كارثة اجتماعية مغيبة، وبالذات ما يتعلق بالفسخ والخلع، فهذه الأسر التي تفككت وانهارت ستظل تعاني (آثاراً نفسية صامتة) بعيدة المدى، وكذا أطفالهم، وواقع مراكز الاستشارات الأسرية التي تناضل وحيدة ويغيب عنها الدعم الحكومي في معظم الحالات مما يزيد التحديات، وإذا كان الرجل يملك زمام (بدء حياة جديدة) يداوي بها وجع الانفصال، فلدينا 75 ألف امرأة لا تملك سوى (انتظار ما تأتي به الأقدار)، لتستمر المعاناة التي تجرها الذكريات ويستمر الوجع.

نحتاج مبادرة تتبنى حلول الوقاية وتغير خط المقدمات التي جاءت بهذه النتائج، نحتاج إعلام يركز على الوعي في التعامل مع الشبكات وتطبيقات التواصل بتحفيز جانب تقوى الله في السر والتبصير بالآثار النفسية والاجتماعية، نحتاج (علاج) لهذه (القلوب المهشمة) من النساء -والتي قد لا يكون لها أدنى ذنب-، نحتاج (إعادة جبر) لهذا الكسر الذي زاده وجعه الكتمان، نحتاج فتح أبواب الأمل في أن ما زال في الحياة ما يستحق العيش، نحتاج أن يلتفت بحق إلى (وجع النساء).

[email protected]

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook