الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

مصر.. رائحة الموت تزكم الأنوف بعد غرق قرية «عَفّوُنَة»

19c69e41-957b-4bed-93b8-59e44a2cccf4
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - الأناضول:

بعد أسبوع من غرق "عَفّوُنَة" إحدى قرى محافظة البحيرة، شمالي مصر، تظل صور الكارثة كما هي.. جثث تحت أنقاض المنازل المهدمة، وأراضٍ زراعية شاسعة غطتها مياه الأمطار، وحيوانات نافقة تطفو وتختفي مع حركة المياه والرياح، وغياب حكومي تام عن مساعدة الأهالي.

اضافة اعلان

رحلة الوصول للقرية لم تكن سهلة على الإطلاق؛ إذ إن كثيراً من الطرق المؤدية للقرية قد غطتها المياه، أو تحولت مع الوقت إلى برك من الطين، يصعب معها حركة العربات، أو الدراجات النارية، أو حركة الأهالي أنفسهم، وغياب كل من القوى الأمنية أو الجيش.

محاولات الدخول للقرية بدأت من الطريق الصحراوي المؤدي إلى مدينة العلمين "غربي مصر"، وتحديداً من مدخل "قرية الجعارة"، وعند الوصول لحدود قرية "عَفّوُنَة"، الشمالية كانت مياه الأمطار الغزيرة قد التقت مع مياه "الملاحات" فشكلت عائقاً مائياً شاسعاً حال دون الوصول إلى القرية.

المدخل الشرقي لـ"عَفّوُنَة" الذي يسميه أهله "مدخل أبناء الغربية" كان ربما هو الأسهل قليلاً للوصول للقرية التي غمرتها أمطار غزيرة عقب موجة أحوال جوية قاسية ضربت شمالي ودلتا مصر الأسبوع الفائت "أوائل نوفمبر".

كانت الوسيلة الأنجع للوصول، دراجة نارية لشاب يعمل مزارعاً يدعى أحمد؛ إذ يحكي أنه في منتصف ليل الأربعاء، 4 نوفمبر، شهدت القرية والمنطقة المحيطة بها أمطاراً غزيرةً، بحسب وصفه، "كانت شديدة للغاية ولم نرَ مثلها من قبل"؛ ولأن قرية "عَفّوُنَة" تقع في قلب وادٍ يقع بين "النوبارية ووادي النطرون" فإن الأمطار التي استمر هطولها 9 ساعات استقرت في منتصف الوادي".

وهي نفس الرواية التي سردها لنا، ناجي نجيب، صاحب عدد من الأفدنة الزراعية المنكوبة، في القرية التي لا تدخلها الكهرباء، قائلاً: "إن ساكني بعض المنازل يضطرون لسرقة التيار الكهربائي الحكومي لإنارة منازلهم ليلاً، وبعد هطول الأمطار غرقت كثير من المنازل، وتُوفي جار له وأسرته "3 أفراد" صعقاً بالكهرباء، ولم يستطع أحد أن ينتشل جثثهم إلا مساء اليوم التالي".

ويضيف "ناجي" أن منسوب مياه الأمطار ظلَّ متجاوزاً المتر ونصف المتر، مع استمرار الأوضاع الجوية السيئة؛ وهو الأمر الذي تسبب في تعطل عمليات الإنقاذ، مرجحاً وفاة ما يزيد على "20 شخصاً" في ظل ضعف عمليات البحث وصعوبة مواصلة عملها، بينما تؤكد مصادر حكومية أن عدد القتلى بالقرية لم يتجاوز "9 أشخاص".

رحلة البحث عن جثث الضحايا بحسب المزارع أحمد كانت شبه مستحيلة، في ظل استمرار غرق مساحات شاسعة من القرية، فضلاً عن جرف السيول لمنازل الأهالي وحظائر الماشية لمنطقة الملاحات غربي الوادي، وكذلك "تماسك جزئي للكتلة الطينية" وانبعاث روائح كريهة منها، غير معلوم سببها، أهي لـ"جثث ضحايا أم لحيوانات نافقة".

وفي تصريحات صحفية، عقب حادثة القرية، وصف وهدان السيد، المتحدث باسم محافظة البحيرة، منازل قرية "عَفّوُنَة" بالعشوائية؛ ولهذا تغيب عنها خدمات المياه والكهرباء.

وتشتهر قرية "عَفّوُنَة"، التي تقع على بعد 10 كيلومترات من بداية الطريق الصحراوي الموصِل إلى مدينة العلمين (غرب)، بزراعة الأشجار الحرجية، والزيتون، والرمان "5% من إجمالي الأراضي المزروعة"، فيما الباقي يزرع بالبطيخ، والكانتالوب، والفلفل، والباذنجان، والسمسم، إضافة لمئات مزارع التدجين، وحظائر الماشية.

وقال المزارع أحمد إن محصولي "الرمان، والطماطم" تضررا بشكل بالغ، كما أن معدات الزراعة، وطلمبات المياه، تعرضت للغرق ومن ثم التلف، وغمرت آبار المياه بالطين والرمال".

وأشار إلى أن تكلفة تنقية بئر واحدة تبلغ نحو 20 ألف جنيه "2500 دولار"، فضلاً عن التكلفة الباهظة التي سيتكلفها المزارع لإعادة تأهيل الأراضي الزراعية الغارقة (الفدان الواحد 30 ألف جنيه تقريباً "3750 دولاراً").

وأوضح أن التكلفة مقدرة "شريطة أن لا يتكرر هطول الأمطار مرة أخرى في موسم الشتاء؛ كي تستطيع الأرض امتصاص مياه الأمطار، ومن ثم تسميدها وحرثها من جديد".

ويشير "ناجي" إلى أن عدداً من أبناء البدو، استغلوا الوضع الأمني وصعوبة التنقل داخل القرية وسرقوا معدات الزراعة وطلمبات المياه الغارقة في الأراضي الزراعية"، حسب قوله.

وأضاف: "أن عدداً كبيراً من ملاك الأراضي ومستأجريها عادوا إلى بلداتهم الأصلية لاستحالة العيش في "عَفّوُنَة" في الوقت الحالي؛ إذ إن الأرض تحتاج تقريباً من شهرين إلى ثلاثة أشهر كي تجف، ومن ثم بداية تأهيلها للزراعة من جديد".

وبحسب أخبار نشرتها صحف مقربة من السلطة المصرية، أفادت بأن جمعيات خيرية، ورجال أعمال أعلنوا إعادة إعمار "عَفّوُنَة"، وطبقاً لشهادات الأهالي فإنه حتى مساء الثلاثاء 10 نوفمبر، الجاري، لم يشهدوا أي دور حكومي، أو غير حكومي لنجدتهم.

واشتكى مزارع يدعى هاني، من غياب الدور الرسمي في إنقاذ أهالي القرية، موضحاً: "أنه حتى الآن لم تأتِ لجان حكومية لحصر التلفيات وتعويض المتضررين".

وبيّن هاني: "أن أقل خسارة سيتحملها أي مزارع تتراوح بين 75 ألف جنيه "9.400 دولار" إلى 150 ألف جنيه "18.750 دولار"، فضلاً عن ديونهم لكبار الموردين، وتلف مخزون البصل الذي تم جمعه وتعبئته لبيعه في موسم الشتاء".

وكان رئيس الوزراء المصري هشام إسماعيل، زار القرية صبيحة غرقها الأربعاء الماضي 4 نوفمبر الجاري، وأمر الأجهزة الأمنية والمحلية بإجلاء أهالي القرية، وصرف 10 آلاف جنيه "1250 دولاراً" إعانة عاجلة لأسر ضحايا السيول، و100 جنيه "12.5 دولار" يومياً للمواطنين للإعاشة.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook