الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

وزير الأوقاف: التسامح ليس ضعفاً.. وعدم إسلام أحد لا يُبيح قتله

_97A3894
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - خالد العبدالله:

اضافة اعلان

أكد وزيرُ الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ حرصَ الدين الإسلامي على الدعوة للسلام والتعايش بين مختلف الشعوب والحضارات، وقال: إن الله خلق آدم -أبا البشر- بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسجود له، وخلق له زوجاً من نفسه، وجعل بينهما مودة ورحمة، وبما أن الإنسان له هذه المكانة العالية فإن روحه وحياته محل اهتمام عالٍ، فمن قتل نفسا بغير حق أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً، وكذلك فإن من أزهق روحاً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها.

وأبان أن الشعوب في التاريخ الإسلامي كانت تسلم طواعية، ومن رفض فإنه يعيش على دينه، مبيناً أنه حتى اليوم يوجد عدد من أتباع الديانات في البلاد التي فتحها المسلمون منذ أكثر من أربعة عشر قرناً في الشام والعراق ومصر وإيران وشمال إفريقيا وفي الهند والأندلس، وقد اعترف الفتح الإسلامي بالآخر ولم يرغم أحداً على الدخول فيه، وفي ظل الإسلام نالوا من الحقوق والحظوة والمكانة الاجتماعية والسياسية ما لا ينكره أحد منهم.

جاء ذلك في كلمة وجهها الوزير إلى المشاركين في ندوة "التسامح في الإسلام والتعايش بين أتباع الأديان" المقامة حالياً بجامعة بولونيا في إيطاليا، ألقاها نيابة عنه مستشار الوزير والمشرف التنفيذي على برنامج التبادل المعرفي بالوزارة الدكتور عبدالله بن فهد اللحيدان.

واستطرد قائلاً: إن تكريم الإسلام للإنسان بصفته إنسانا وبصرف النظر عن لونه ودينه وعرقه أدى إلى احترام حقوق هذا الإنسان، ومن أهمها: صفة الحياة والملكية والسعادة، وقد جاء ذكر هذه الحقوق في أثر: (من أذى ذمياً فأنا خصمه ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة)، مبيناً أن ضمان هذه الحقوق في القرآن الكريم والسنة النبوية تضمن عدم تبديلها وتعديلها وجعل أي تعديل أو تبديل لها لاغياً وغير شرعي.

وأوضح معاليه أن المسلمين لم يحاولوا استغلال حاجات الفقراء من أتباع الديانات الأخرى لإجبارهم على الإسلام وهنا بعض الشواهد على ذلك، كتب خالد بن الوليد في عقده للصلح مع أهل الحيرة وكانوا من النصارى (أيما شيخ ضعف عن العمل أو إصابته آفة من الآفات أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته وعِيلَ من بيت مال المسلمين هو وعيالُه)، واستمر هذا ديدنا لخلفاء الإسلام، حتى خلافة عمر بن عبدالعزيز ــــ رحمه الله ـــ الذي كتب إلى عدي بن أرطاة: (انظر من قبلك من أهل الذمة قد كبرت سنه وضعفت قوته وولت عنه المكاسب فأجرِ عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه).

ولفت إلى أن تعدد الثقافات الإنسانية واختلاف الناس أمر من مقاصد الخلق، يقول الله تعالى: { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ .... }، فالاختلاف لا يؤدي إلى الاقتتال إذ ليس عدم الدخول في الإسلام مبيحاً لقتل غير المسلم أو المخالف من المسلمين وإزهاق روحه. أما التنوع في الأعراق والألوان واللغات فهو للتعارف وتبادل الأفكار والخبرات التي تطورها أنماط الحياة المختلفة يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا …} الآية.

وأضاف معاليه قائلاً: لقد أصبحت الثقافة الإسلامية غنية بفعل الاحتكاك بالشعوب الأخرى وتبادل الأفكار معها وأخذ ما عندها من الحق.

ومن ناحية أخرى قبلت شعوب عديدة الإسلام واحتفظت بعاداتها وتقاليدها الخاصة التي لا تخالف الإسلام وإن كانت لا تتفق مع عاداته وتقاليد شعوب إسلامية أخرى، وتلك هي رحابة الإسلام وسماحته التي ضمت الجميع، وقد دعا القرآن الكريم إلى الحوار مع الآخرين حيث قال تعالى: { ولا وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ... }، والجدال بالتي هي أحسن مرادف للحوار الإيجابي البناء. ومما ورد في القرآن الكريم من نماذج الحوار ما أُمِرَ به النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ حيث قال تعالى: { قل يا أهل الكتاب قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }، مؤكداً أنه لا ينبغي القتال إذا انتهى الحوار إلى إصرار كلٍّ على رأيه يقول تعالى: { وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }.

وأبان معاليه أن التسامح لا يعني الضعف والمداهنة التي تغطي على الخلافات وتعمل على ترمميها ظاهريا وتلفق موقف اتفاق زائف، وقال: لقد ذم القرآن الكريم من يعمل على كتمان حقائق الدين حيث قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }، مبيناً أن التسامح يعني الاعتراف بالاختلاف ولكنه يمنع هذا الاختلاف من التطور إلى محاولات الإلغاء ويؤدي قبوله إلى التعايش السلمي المشترك.

وشدد معاليه على أن العالم أجمع بحاجة ماسة إلى تأصيل هذه المفاهيم الإسلامية النبيلة في هذا الوقت الذي تتعالى فيه صيحات صدام الحضارات بدلاً من تلاحمها وتعارفها من المتطرفين من الجانبين الغربي والإسلامي. ففي حين ينادي بعض المتطرفين في الغرب بمحاربة الدين الإسلامي وملاحقة مظاهر انتشاره بكل السبل، ينادي المتطرفون في العالم الإسلامي باستخدام الإرهاب وقتل الأنفس البريئة كأسلوب للرد على الغرب.

وفي هذا الشأن، أكد آل الشيخ الدور المهم الذي قامت وتقوم به المؤسسات الدينية في المملكة العربية السعودية في محاربة الإرهاب والتطرف، مشيراً إلى أن هيئة كبار العلماء تقوم بإصدار الفتاوى والبيانات التي توضح أن ما يقوم به المتطرفون من أعمال ضد الأبرياء هي أعمال إجرامية مخالفة للشريعة الإسلامية التي جاءت بالرحمة والعدل والإحسان للناس، كما يقوم كبار العلماء بإلقاء الدروس والمحاضرات التي تدعو إلى الوسطية والاعتدال وتحارب الإرهاب والتطرف، كما تقوم وزارة الشؤون الإسلامية والتي تشرف على أكثر من خمسة عشر ألف جامع بتنظيم الدورات التدريبية للأئمة للرفع من مستوى الوعي بخطورة فكر الإرهاب والتطرف على المسلمين والبشرية.

وكان حفل الافتتاح قد بدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم مع ترجمة معانيها إلى اللغة الإيطالية، ثم ألقى الأستاذ وحيد الفهري رئيس المؤسسة الإسلامية الإيطالية كلمة ترحيبية، تلاها كلمة لنائب مقاطعة إيميليا رومانيا، ثم كلمة لنائب محافظة بولونيا، ثم ألقت الدكتورة أنا لورا ترومبتي مديرة مركز الدراسات الإسلامية بجامعة بولونيا كلمة رحبت فيها بالتعاون مع برنامج التبادل المعرفي التابع لوزارة الشؤون الإسلامية في المملكة، ثم ألقى نائب سفير خادم الحرمين الشريفين في روما الأستاذ ماجد الدريس كلمة السفير والتي أكدت على الدور المهم الذي تقوم به المملكة في محاربة الإرهاب والتطرف وحماية الأقليات في العالم، وأوضحت نهج المملكة في الدعوة إلى الحوار وحل القضايا الدولية بالسبل السلمية القائمة على مبادئ العدل والمساواة.

الجدير بالذكر أن هذه الندوة حظيت بمشاركة أكثر من أربعين أستاذاً جامعياً من إيطاليا وأوروبا وأمريكا والعالم الإسلامي، كما حضرها عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية ومديري المراكز الإسلامية في إيطاليا.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook