الخميس، 16 شوال 1445 ، 25 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

بين فصول القرآن وفتيات سوبر لندن..

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

اضافة اعلان

حين صدر قرار معالي وزير التعليم حفظه الله بصلاحية مديري التعليم في فتح فصول تحفيظ القرآن الكريم في مدارس التعليم العام وفق تنظيم خاص، ثارت ثائرة أهل الباطل، وتكالبت حملتهم ضد القرار معتبرين أنه خطوة نحو تأزيم التعليم وشيطنته ورجعيته والعودة إلى عصر الظلامية، وأقلهم إفصاحاً عن ضغينة صدره من قال إن فصول القرآن تعني أخونة التعليم، وكأنه لا يتبع القرآن إلا الإخوان!!

كلام لا يصدر إلا من مريض قلب معاند لله ورسوله، حين يصبح تحفيظ القرآن وتعليمه رجعية وظلامية وشيطنة وتأزيم وأخونة وانتكاسة وأدلجة وما إلى ذلك من المصطلحات التي صدرت منهم، ومع الأسف فقد دار في فلكهم ثلة من الجهلاء الذين بهرتهم مدنية الغرب، وذبحتهم سكين التغريب، فصاروا كالصدى لكل صوت مغرض حاقد يرددون ما يقول وإن كانوا لا يفقهون مقاصده ومنتهاه.

أنا لا أتحدث هنا عن يهود أو نصارى، بل عن مسلمين تزين المصاحف مكاتبهم وبيوتهم!

عجباً لكم يا من تزينون بالقرآن مكتباتكم، هل تمزق القرآن في قلوبكم؟

عجباً لكم كيف قبلتم أن تشاركوا العدو في هدفه، بل وتنوبوا عنه في السعي إليه.

في أحد الاجتماعات قال غلادستون رئيس وزراء بريطانيا سابقاً: ما دام هذا القرآن موجوداً، فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق! فقام رجل ومزق المصحف علانية.. فقال جلادستون: يا أحمق.. ليس هذا الذي نريد، وإنما نريد تمزيقه من قلوب المسلمين.

هل انتبهتم للعبارة (إنما نريد تمزيقه في قلوب المسلمين).

وقال المنصر المسيحي "وليم جيفوردبالكراف": (متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب؛ يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيداً عن محمد وكتابه).

والمتأمل في حال مجتمعنا اليوم يرى كم هو القرآن ممزقاً في قلوب بعض المسلمين، وكم هو متوارٍ في حياة الكثير من الناس الذي لا يعرفونه إلا في رمضان، أو لا يعرفون منه سوى سورة الكهف من الجمعة وإليها، أو في الدرس الوحيد أسبوعياً في المدرسة، بل حتى من يتعاهده بتلاوة صفحة أو صفحات يومياً لا نكاد نجد على بعضهم أثراً عملياً لكتاب الله في عباداته ومعاملاته.

إن واقعنا مع القرآن الكريم يحتاج منا مزيداً من العناية والتصحيح، وأن نتعاهد بيوتنا وأطفالنا بكتاب الله حفظاً وتدبراً وفهماً واحتذاء وتطبيقاً.

إن الطفلة التي تربت على القرآن تلاوة وحفظاً وفهماً، وتعلمت أن تطبق أحكامه، وأن تستسلمَ لتشريعات الله فيه، وأن تعتبره حاكماً على تصرفاتها، وهادياً ودليلاً لها لن تكون في شبابها – بمشيئة الله وتثبيته - فريسة سهلة للتغريب والانحلال من ضوابط شرعها في لباسها وحجابها، ولن تقبل أن تتنازل عن قيمها ولا أن تذوب في ثقافاتٍ تخالف دينها.

إن الفتاة التي رباها القرآن الكريم، وتفيأت ظلاله ونهلت من معينه، لن تغريها حضارة مزيفة، ولن تقبل أن تبيع شرائع دينها بعرضٍ من الدنيا زائف، ولن تستسلم لهوى نفسها الأمارة بالسوء لتنزع حجابها، وتفارق سترها، وترتدي ما لا يجوز لها ارتداؤه، أو تختلط بمن لا يحل لها الاختلاط به.

إن الفتاة التي رباها القرآن تعلم أن الله قد جعل اختبارها الدنيوي الذي يميزها عن التكاليف الشرعية المشتركة مع الرجل هو التزامها بحجابها الشرعي الكامل ولباسها الساتر، وصيانتها وحياؤها وقرارها في بيتها إلا لحاجة، فلا هي بالخراجة الولاجة، ولا هي بالكاسية العارية، ولا هي بالسافرة المتبرجة، ولا هي بالمسترجلة.

إنها تعلم يقيناً أن سعادتها في تمسكها بهذا الكتاب العظيم، وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم الشارحة للقرآن المبينة له التي سماها الله عز وجل (الحكمة) وأمرنا بالاستمساك بهما فقال تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) البقرة /231 قال المفسرون الحكمة: السنة النبوية.

وحين تُدمي قلوبنا مناظر بناتنا وبنات المسلمين حولنا؛ وقد نحين عنهن شعائر الإسلام وارتدين مظاهر غير إسلامية؛ فلنبحث عن مكامن الخلل.. وكيف كان بناء الإسلام في قلوبهن؟ وأين هو القرآن في حياتهن علماً وعملاً؟ حينها سنعلم يقيناً أنه لا صلاح لدنيانا وأخرانا إلا بالقرآن.

عوداً على بدء.. شكراً معالي وزير التعليم، جزاك الله خيراً، وجعل هذا القرار الذي يعزز مكانة القرآن في تعليمنا شفيعاً لك عند مولاك، يوم لن ينفعك مدح مادح ولا قدح قادح ولا نباح نابح.

والله من وراء القصد

عفاف بنت عبدالعزيز الحقيل

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook