الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الجريمة والعقوبة

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

العدالة ليست حكرًا  على المظلوم، بل للظالم نصيب منها على السواء، وفي هذا تصحيحٌ لخطأ شائعٍ، درج عليه البعض في نظره للأحداث، أو حكمه على الوقائع، فمن أجرم وارتكب الخطأ، قابلته عقوبة مساوية لجرمه؛ بلا زيادة أو نقص، وإلا اختل العدل، وجاء الجور، ووقعت الظلامة من مصدر العدالة، وصحيح أن كل جريمة يصحبها ما يخففها أو يشددها، لكن هذا ليس مقصودًا فيما كُتِب، وإنما إعطاء الجريمة عقوبة غير مساوية لها، أو التعامل مع الجاني بالسخرية أو الازدراء، لا لشيء إلا لأنها جريمة، وهنا مكمن الخطأ والحيف والظلم، ولذا جاءت العقوبات الربانية مختلفة العدد والمقدار والكيفية على حسب الجريمة، فالقتل مختلف عن السرقة، والقذف مختلف عن الزنا، وشرب الخمر مختلف عن الحرابة، وعند النظر إلى تلك الجرائم والعقوبات المقررة عليها عملت أن المقصود من العقوبة الإصلاح بالدرجة الأولى وليس التدمير فهي لحق المجني عليه، ولردع الجاني وتطهيره، وحماية المجتمع من تكرار وقوعها، وما دام أنها جريمة ويقابلها عقوبة مساوية لها، فلا مزيد على ذلك من تجريد الجاني من أبسط حقوقه وهي الدفاع عن نفسه أو توكيل محامٍ لذلك، أو التعامل معه بكل إنسانية، وتلك متفق عليها في كل الأنظمة والقوانين، ثم بعد ذلك الحكم بما ثبت عليه من جريمة، بعقوبة مساوية لجرمه كمًّا وكيفًا، والشريعة الإسلامية الغراء جاءت بالعدل المطلق، وتحكم بالقرآن والسنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، فلا تزيد على العقوبة بالسخرية أو الاستهزاء أو غيرها من أنواع الأذى ( أُتِيِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بِسِكرَانٍ، فَأَمَرَ بِضَربِه؛ فَمِنَّا مَن يَضرِبُهُ بِيَدِهِ وَمِنَّا مَن يَضرِبُهُ بِنَعلِهِ وَمِنَّا مَن يَضرِبُهُ بِثَوبِهِ، فَلَمَّا انصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: مَا لَهُ أَخزَاهُ الله!، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم-: "لَا تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيطَانِ عَلَى أَخِيكُم"). رواه البخاري رقم(6781)،  ثم بعد العقوبة يكون الجاني لبنة صالحة في مجتمعه ، وأساسًا متينًا في نهضة أسرته ووطنه وتحقيق مصالحه، وما كان من جريمة وعقوبة عليها ؛ فهو لإصلاح الأمر وتعديل الميل وتحقيق الأمن.

اضافة اعلان

د. حسين العنقري

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook