الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

«صورة بألف كلمة» فقيه الكويت وعالمها «محمد الجراح» يحمل طعامه إلى المسجد

ججججججججججججججججج
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
تواصل - فريق التحرير: نشر الباحث عبدالعزيز بن عبدالله الفالح، صورة نادرة للشيخ الكويتي والعالم محمد الجراح. وتظهر الصورة الشيخ وهو يحمل طعامه على رأسه متجها إلى المسجد بعد يومين من تحرير الكويت. وعلق "الفالح" على الصورة بقوله: "شاهدتُ هذه الصورة قبل مدة في أحد المواقع الكويتية، فظننتُها للوَهلة الأولى لأحد المساكين يحمل الزاد متجهاً لأبنائه لإطعامهم وسَدّ رمقهم، ولكن عندما قرأتُ التعليق على الصورة صُدِمتُ واستحييتُ من نفسي". وكان التعليق يقول: "فقيهُ الكويت وعالمُها وفَرَضِيُّها الشيخ محمد الجرّاح ذاهب بطعامه لمسجده بعد يومين من تحرير الكويت من الغزو العراقي عام 1991م". وأضاف قائلا: "نعم إنه الشيخ العلامة المتواضع الفقيه الفرضي الشيخ محمد الجراح- رحمه الله- حقيقةً التبستْ عليّ ملامح الشيخ رحمه الله، فما نِلتُ شرف لقائه سوى مرة واحدة، وذلك في شوال من عام 1415هـ، فقد كنتُ في زيارة بعض الأحبة في الكويت، وجاء ذِكْر الشيخ وكانت فرصة مناسبة لزيارته ولقائه، فقد ذهبنا بعد المغرب إلى مسجده مسجد السهول في الضاحية". وتابع الباحث: "عندما دخلنا المسجد، وجدنا الشيخ في زاويته الخلفية مستلقياً على ظهره، ويقطّرُ في عينيه من قطرة يساعده فيها عاملُ المسجد، انتظرنا حتى انتهى، ثم أقبلنا إليه، وقبّلنا رأسه وسلمنا عليه، وكان الشيخ متعباً، لكنه قابلنا بابتسامة وحفاوة، وسألناه بعض الأسئلة، ولاحظت في إجاباته رحمه الله، نزوعه إلى الدليل والاتّكاء على مذهب الإمام أحمد رحمه الله، رغم أنه ليس متعصباً للمذهب". وأضاف: "لم يدم اللقاء طويلاً، لكنه كان لقاء مُفعماً بالتواضع والسكينة وسمت العالم الكبير.. لقد ذكّرني رحمه الله بتواضع الشيخ عبد الله الغديان رحمه الله، وهؤلاء هم العلماء الربانيون الذين لم تأخذ الدنيا من نفوسهم شيئاً". ونقل تلميذ الشيخ الجراح، الشيخ وليد المنيّس عنه قوله: "وبعد فإني طالب علم مُقصّر محبّ للعلم، ولست بفقيه الكويت ولا فرضيّها، وما قيل فِيّ من الإطراء، فإني بريء منه، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واغفرلي ما لا يعلمون، واجعلني خيراً مما يظنون" المولد والنشأة ولد الشيخ رحمه الله عام 1322هـ في الكويت، وهو من عائلة تعود أصولها إلى مدينة "حَرْمَة" بسدير شمال نجد، وقد هاجرتْ العائلة قبل مولده بأربعين سنة إلى الكويت بسبب الجدب والجفاف الذي هلكت منه الزروع والمواشي حوالي عام 1282هـ. وابتدأ الشيخ حياته في مدرسة ملا أحمد الحرمي، فتعلّم القرآن الكريم والفقه والعربية، ثم حفظ عدداً من المتون العلمية في المواريث والفقه والعقيدة، ثم تدرّج في طلب العلم على يد علّامة الكويت الشيخ عبد الله الدحيّان والشيخ عبد الوهاب الفارس رحمهما الله، ودرس عليهما عدداً من المتون. رفض القضاء كما درس على الشيخ أحمد الأثري وغيره النحوَ والإعراب والصرف، والعروض والقوافي، وكان رحمه الله يستعدّ بالتحضير للدرس قبل الذهاب للشيخ، وكان يوصي طلابه فيما بعد بقوله:"قبل ذهابك إلى دروس العلم عليك أن تقرأ الدرس وتفهمه جيّداً، ولا تسأل شيخك حتى تبحث في المطوّلات". لم يرغب الشيخ رحمه الله في الوظائف الحكومية، وعندما عُرض عليه القضاء اعتذر عنه على عادة السلف الصالح، فقد كان يأكل من عمل يده من دكاكين للبيع والشراء تركها له والده رحمه الله. حجّ الشيخ خمس حجّات، وكان فيها يلتقي بعلماء المملكة، كالشيخ عبد الرحمن السعدي والشيخ محمد بن مانع، والشيخ محمد حمزة، والشيخ عمر بن حسن آل الشيخ وغيرهم رحمهم الله، وكان له مراسلات علمية خاصة بينه وبين الشيخ السعدي (كما في المرفق) والشيخ عبد الله بن حميد رحمهم الله جميعاً.   Image   نصف قرن في الإمامة والخطابة وأمضى الشيخ أكثر من نصف قرن في الإمامة والخطابة، وكان يحرص على أداء الصلاة إماماً مهما بلغ منه العذر، وربما أمّ الناس وهو عليل جداً، وكان رحمه الله ملتزماً بالسنة في عدم الإطالة في الخطبة، وكان رحمه الله ملازماً للمسجد ويمضي جلّ وقته فيه، ولا يخرج إلا لحاجة ضرورية. كان الشيخ يتقن مفردات مذهب الإمام أحمد، ويحفظ "دليل الطالب"، ورغم ذلك لم يسمع تلاميذه يوماً أنه دعا للمذهبية أو التعصب لها، أو أن هذا المذهب هو الحق وغيره باطل أو نحو ذلك، بل يكرر قوله بالثناء على الأئمة الفقهاء والعلماء الذين أجمع المسلمون على تقديمهم. كان رحمه الله يحب الملابس المتواضعة البعيدة عن التكلف والشهرة، ويحبّ لبس البياض في الصيف، وحتى الشتاء يلبس الثياب والشال الأبيض الثقيل، ويعمل ذلك اقتداء بالسنة، وكان يستشهد بقول الشاعر: وخيرُ لباسِ المرءِ حيّاً وميّتاً.. بياضٌ فبيّضْ مُطلقاً لا تُسوّدِ. كان رحمه الله زاهداً مُتقلّلاً من الأكل والطعام، فهو لا يأكل سوى وجبتين في اليوم، وكان نحيفاً ربما وزنه لا يزيد عن 50 كيلاً، ويستشهد في ذلك بحال السلف رحمهم الله في التقلل من الأطعمة والأشربة والزينة وبُغض الشهر وتصدّر المجالس. كان الشيخ رحمه الله باذلاً نفسه للتعلم والتدريس، ولا يتوقف عن ذلك حتى في حال مرضه... يقول تلميذه "د.المنيس": وكنا نطلب منه أن يوقف الدرس إذا رأينا أثر المرض عليه، لكنه كان يرفض ويقول: من يريد أن يستمع وينتفع يبقى، ومن لا يريد يذهب. كان للشيخ صيتٌ طيب لدى العلماء الكبار كالشيخ عبد الله بن حميد والشيخ ابن باز رحمهما الله فكانا يعرفانه ويذكرانه بخير، ويذكر "د.المنيس" أن كويتيّاً سأل الشيخ ابن باز رحمه الله في مسألة فرضية، فقال له ابن باز رحمه الله:"عندكم ابن جرّاح وتسألني"، وقيل إن ابن حميد قال ذلك أيضاً. الرجل الصالح وكان العلامة الشيخ بدر المتولي من كبار شيوخ الأزهر ورئيس الفتوى في بيت التمويل الكويتي يسمي الشيخ الجراح رحمه الله بـ"الرجل الصالح".. للشيخ عدد من المؤلفات منها: "منسك مختصر للحج"، و " سلاح الناسك في أدعية المناسك" و"ورد مختصر من كلام الله تعالى وكلام سيد البشرﷺ" وغيرها في بداية عام1417هـ بدأ المرض بالشيخ رحمه الله ولوحظ ذلك في ضعف نَفَسه،فأدخل المستشفى وبقي فيه مدة وخرج، ثم اشتد به التعب فأدخل مرة أخرى،وفي فجر يوم الخميس 13/ 5/ 1417هـ توفي عليه رحمة الله،وكان خبر وفاته جسيماً على محبيه وطلبته وأهل الكويت. رحم الله الشيخ رحمة واسعة وجمعنا به وإياكم ومن نحب في الفردوس الأعلى من الجنة. الصورة  اضافة اعلان
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook