الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الطوفان القادم 20

Screenshot_1
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تطرقنا في الحلقات السابقة إلى رد الشبهات المتعلقة بشبهة إعمال العقل والمنطق وتقديمه على النص الشرعي، وذلك من خلال محاور أربعة، وأما خامس هذه المحاور:

اضافة اعلان

فنقول: إن مما ينقض قولكم بتعارض العقل مع الإيمان، إيمان من كان ملحداً منكراً لوجود إله وإقراره بذلك. وأكتفي بمثالين:

الأول: أنتوني فلو: فقد قاده العلم و العقل إلى الإقرار بوجود إله، بعد أن كان ملحداً منظراً للإلحاد، بل يعتبر أبو الإلحاد المعاصر، يقول: " لقد كان توصلي إلى وجود الإله و إلى بعض صفاته، رحلة عقل و ليست رحلة إيمان " .

الثاني بروفيسور الرياضيات الذي كان ملحداً جفري لانغ : و الذي أسلم فيما بعد في أواخر الثمانينات تحدث عن سبب إسلامه فقال : " كنتُ قبل إسلامي أعتقد دائماً أن العقل ينسف الإيمان ، بيد أن القرآن يقول : إن الإيمان يزول عندما يُتجاهل العقل ، أو عند تطبيقه تطبيقاً ضعيفاً " .

فلو كان العقل يعارض الدين لما قاد هؤلاء الملاحدة إلى الإيمان بالله عز وجل كأمثال حفري لانغ ، و الإيمان بوجود إله للكون كأنتوني فلو ، فهم عندما أعملوا عقولهم بطريق صحيح توصلوا إلى الإيمان بوجود خالق . أما ماضيهم الطويل الذي كانوا فيه على إلحاد فكانت عقولهم أشبه بالمعطلة وإنما هم أتباع لنظريات سابقة قد يكونوا أضافوا عليها أشياء و نقدوا منها أشياء ، لكنهم في الحقيقة هم أسرى لأقوال آخرين يسيرون في فلكهم و هم يظنون أنهم مستقلون ، و أنهم يُعملون عقولهم بطريق صحيح ، إلا أنهم اكتشفوا خلاف ذلك .

و خلاصة ما يتعلق بقضية تعارض العقل و النقل ( الدين ) :

1 – لا ننكر أن العقل هو المصدر الثاني من مصادر المعرفة بعد الحس .

2 – العقل دوره يقوم بتجميع المعلومات عن طريق الحس و الخبر ، و المقارنة بينهما ثم يصدر حكمه بالقبول أو الرفض .

3 – العقل له موازينه التي تنبع من ذاته و لا يُخالَف عليها؛ لأنها في حدود نطاقه، منها:

أ – أن العقل يحكم باستحالة التناقض ، ككون الشئ موجوداً معدوماً في مكان واحد و زمان واحد ، أو كون الشئ حياً ميتاً في مكان واحد . و يسمى هذا قانون عدم التناقض.

ب – أن العقل يحكم بأن الشئ إما أن يكون موجوداً أو معدوماً ، إذ لا حالة ثالثة بينهما . و هذا يسمى باستحالة رفع النقيضين

4 – العقل الصريح يحكم أن كل مخلوق كان معدوماً ثم وُجد ، لا بد له من سبب و موجِد سابق عليه في الوجود أوجده .

5 – العقل محدود الزمان و المكان ، فهناك أمور لا يستطيع العقل إدراكها منفرداً ، كما لا تستطيع الحواس الوصول إليها .

6 – أن هذه الأمور التي لا يستطيع إدراكها ، بإمكان العقل أن يعقلها حين تُبين و تُوضح له ، و هذه لا يفهمها إلا عن طريق الوحي ، لا عن طريق الحس أو التجربة المباشرة ، و ما عليه إلا التيقن من صحة الخبر ليس إلا .

و العقل ليس هو المرجع الوحيد لكل شئ ، و لكن كما وُضِحَ بتفصيله فيما سبق .

انتهت بهذا هذه السلسلة ، أسأل الله أن يجعل فيها النفع و الفائدة .

عبدالعزيز بن محمد السريهيد

[email protected]

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook