الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

هدايا الألم

تنزيل
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

كنت للتو قد أنهيت صلاة الظهر في مصلى الجامعة، وآثرت أن أرتاح قليلا قبل أن أتوجه لحضور محاضرتي التالية، تقدمت فتاة والتقطت مكبر الصوت، عرفت باسمها - سديم- واستأذنت لطرح موضوع بسيط تريد أن تحدثنا عنه، فتحت الورقة وقرأت العنوان: (فوائد الابتلاء والألم)!

اضافة اعلان

حدث هذا الموقف قبل أعوام، ولوهلة شعرت أنه كان أسلوب تشويق من سديم -لا أكثر-، فقد كنت مؤمنة تمام الإيمان، بأنه لا يوجد شيء اسمه (فوائد الألم)، فالألم شعور ينخر في الروح ويفتت القلب ويشل الفكر، ثم يرحل ليتركك تلملم شتاتك، معيدا لبس قناع اللامبالاة ومتظاهرا بأنك على ما يرام، فكيف بعد كل هذا يكون له فوائد؟!

واصلت سديم التحدث بهدوء وسكينة عن (فوائد الألم) بطريقة فاجأتني، لقد نسفت كل تلك القناعات في بضع دقائق، وجعلتني أبصر بصيص نور في تلك الظلمة، بدأت أعيد النظر في التعامل مع الألم في السنوات اللاحقة لذلك الموقف، ثم ذات مرة شاهدت مقطع في مؤتمر تيدكس للأفكار المتميزة، نفض هذا المقطع الغبار عن كلمات سديم وأثبتها.

المتحدثة في تيدكس تحدثت عن ما أسمته بـ(نمو ما بعد الصدمة)، قالت إن الناس حينما يتعرضون لصدمة يتجاوبون بأحد ثلاثة أفعال: (إما التجمد، أو الهرب، أو المقاومة والقتال)، والصنف الأخير هو الذي أصبحت صدمته سببا لنموه ونجاحه المبهر لاحقاً.

المقاتلون أولئك، هم الذين تساموا على جراحهم، ورفضوا الاستسلام للألم، وواصلوا السير، مستعينين بموارد القوة الأصيلة - والاستعانة بالله أولها -، ومتخذين من الصدمة عدواً يجب مقاومته بشراسة لأن لا ينال من اتزانهم العقلي وصحتهم النفسية والجسدية.

أن تقاتل في معركة الحياة يعني أن تجعل من الصدمات فرصة لتطوير ذاتك وإدراك حقيقة قوتك، وأن توقن أن صعوبة الحياة جزء من جمالها، وأن جراحها هي وقودها، وأن ألمها هو تلك الهدايا، التي تحزننا في الحاضر لتكون سر نجاحنا في المستقبل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[email protected]

Twit: @hindamer

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook