الجمعة، 17 شوال 1445 ، 26 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

ضياع الفكرة بين التأسيس والتنفيذ!!

محمد الشويمان
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تستهدف رؤية المملكة ٢٠-٣٠ أن يساهم القطاع الثالث في ما نسبته 5٪ من الناتج المحلي، حيث لا تشكل في الوقت الحالي سوى أقل من 1٪ ولذلك تسعى وزارة العمل والتنمية في الوقت الراهن لتسهيل إجراءات إنشاء أكثر من ٢٥٠٠ جمعية أهلية خلال السنوات القليلة المقبلة بزيادة تصل نسبتها 150% عن ما هي عليه بنهاية عام ٢٠١٨ م، خصوصاً إذا علمنا أن أعداد منظمات القطاع الثالث في كل أنحاء العالم تفوق بأضعاف أضعاف عددها عندنا! علاوة على مساهمتها الفعلية في تحقيق التمكين ومن ثم التنمية من خلال برامجها المتنوعة التي تبدأ من برامج مكافحة الفقر مروراً ببناء القدرات وتأهيل الطاقات إلى أن تنتهي بدعم التفوق ورعاية المواهب والفنون.

اضافة اعلان

وربما يكون من أسباب الالتفات إلى هذا القطاع الواعد: أنه أكثر مرونة في التحرك والوصول للهدف، وأنه ينبع من الحس الإنساني لمقدميه، وأن الفكرة جاءت ويتم تقديمها أيضاً من خلال الإرادة الاختيارية على حين أن خدمات القطاع العام لها طابع غير طوعي،

ومما يجدر ذكره أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية اتخذت عدداً من الخطوات المهمة خلال السنوات الخمس الأخيرة لتطوير هذا القطاع تمثلت في تعديلات جوهرية على النظام، وإصدار لعدد من اللوائح والأدلة التنظيمية، ووضع مؤشرات للحوكمة، إضافة إلى انتهاج سياسة جديدة لدعمها المادي للجمعيات الأهلية، وهي الآن تسعى لتحقيق الاستدامة المالية من خلال صندوق خاص بذلك.

غير أن الذي يحتك بهذا القطاع عن قرب يلحظ أموراً كثيرة ربما تساهم في عدم وصوله إلى المستهدفات المنشودة إن لم يتم الالتفات إليها!؟ ولهذا فإنني أنوي كتابة بعض المقالات التي تصف تجاربي الخاصة مع هذا القطاع بصفتي مؤسسا مرات، ومرات أخرى كأحد الذين عملوا فيه، ومرة ثالثة بقبعة المستشار لبعض جهاته، ورابعة بوصفي مستفيدا من خدماته،

ويحلو لي هذه المرة أن أبدأ بما يتعلق بالتأسيس كونه أول خطوات وجود الجمعية الفلانية أو العلانية، إذ ينبغي علينا أن نستحضر دوافع المؤسسين التي غالباً ما يكون حب الخير والرغبة في المساهمة فيه هي المحرك الأساس والحافز الذي وجه أحد المؤسسين أو بعضهم ثم انتقلت الفكرة لباقي المؤسسين لتلك الجمعية.

والحقيقة أنه في بعض المرات قد تنتاب فكرة التأسيس بعض المشوشات التي تلازم هذه الفكرة مهما طال عمر الجمعية ولذلك يقل عملها، ومن تلك الشوائب التي تخالط بذور الفكرة الأولى:

ـ أن تنبع الفكرة على خلفية خلاف وقع بين المؤسس وجمعية أخرى، مما أوجد فرضية وجود جمعية جديدة تلبي الاهتمامات الشخصية التي لم تحتويها الجمعية السابقة!، ورغم أن التنوع مطلوب، وزيادة عدد الجمعيات هو زيادة في خيارات المستفيد، إلا أن التأسيس على أساس المنافسة ربما يخلق أجواءً غير صحية تؤثر على سمعة القطاع، وتؤثر على تحقيق أهدافه.

ـ أن الفكرة قد تكون لا زالت هشة ضبابية في مخيلة من يقود عملية التأسيس، خصوصاً إذا كانت هم رجل واحد (وما باقي المؤسسين إلا فزاعة؟) وقد دفعتهم الثقة بصاحبهم وحب الخير من خلال المشاركة في التأسيس!، ولمثل هذا السلوك خطورة بالغة في مسيرة الجمعية حيث لن تستطيع تحديد أهدافها بدقة، ولن يكون لها رؤية واضحة، ثم قل ما شئت عن صعوبات بالغة في تسويق برامجها!، ولذلك تجد أن مثل هذه الجمعية تعمل في غير مجالها لأن تسويق فكرتها صعب جدا، أو أن التنفيذيين لم يستوعبوا الفكرة لضبابيتها كما أسلفنا.

ـ أن تكون الفكرة واضحة ولكنها موجودة في القطاع العام غير أن المؤسسين ينتابهم الشعور المعتاد تجاه بعض التقصير في القطاع العام فظنوا أنهم سيقدمون خدمة أرقى وأشمل! غير أن المؤسف في مثل هذه الأفكار أنها تذهب مرة أخرى للقطاع العام لأن الجمعيات من هذا النمط تتسلم تبرعات المحسنين ثم تذهب لتدعم بها جهة حكومية لكي تقدم الخدمة الأصلية التي عادة يقدمها القطاع.

إنني أنصح الوزارة باتخاذ بعض التدابير التي تكفل نضج الفكرة وسلامة مقوماتها وقيمها، ومن ذلك: استحداث نموذج معياري يتم تعبئته من كل مؤسس على حدة في جلسة تعريفية يتم عقدها بإشراف الوزارة، ومن ذلك تحفيز المؤسسات المانحة على لعب دور توعوي وتدريبي للمؤسسين قبل رفع مسوغات التأسيس.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook