الأربعاء، 15 شوال 1445 ، 24 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

شعور أبكاه يوم تكريمه !!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
شاركت أثناء زيارتي لدولة عربية شقيقة في حفل أعده بعض الزملاء الصحفيين في صحيفة كبيرة هناك، لرئيس التحرير، الذي تجاوز سن التقاعد، مُسلِّماً الراية من بعده لأحد تلاميذه. وما بين كلمات الوداع المؤثرة، والمشاعر الجياشة، والأمنيات الصادقة، والدعوات الخالصة، راودتني أحاسيس ومشاعر لم أشعر بها منذ فترة كبيرة، خاصة بعدما شاهدت دموع رئيس التحرير الذي يحتفي زملاؤه وتلاميذه برحلته المهنية الكبيرة التي تجاوزت الأربعين عاماً من العمل والعطاء والانتماء لمهنة البحث عن المتاعب مهنة الصحافة. شاهدت دموعه، فسألته عن شعوره والجميع يحتفي به وبرحلة عطاءه في بلاط صاحبة الجلالة. فقال لي: شعور لا يمكن لي وصفه، وإحساس لا أستطيع التعبير عنه، وكأني لم أمسك قلماً في حياتي قط! فقلت له: وما الذي يبكيك سيدي، وتاريخك وراءك يتحدث عنك، وبصمتك في كل مكان؟ فقال لي: ولماذا لا أبكي، وسأفارق رفقاء دربي، وزملاء مهنتي التي أغير عليها من نفسي، وأخاف عليها وعلى مستقبلها؟ فاستوقفتني كلمة الغيرة هذه، فقلت له: أتغير على مهنتك؟! فقال لي بصوت تملؤه مشاعر الدفء والحب: غيرتي على مهنتي وانتمائي إليها أكثر شيء يؤلمني في مثل هذا اليوم الذي يتمناه الكثير من حولنا. شكرته وتمنيت له التوفيق في مرحلته المستقبلية، وودعته وزملاءه، واتجهت نحو المطار؛ لأن طائرتي كانت ستقلع في السادسة من مساء ذلك اليوم، وبدأت أفكر في هذه الجملة التي كان إيقاعها يطغي في أذني على أزيز الطائرة التي أقلعت بي، وطوال رحلة عودتي والتي قضيت فيها ساعات بين السماء والأرض، انتبهت لقيمة هذا الشعور وهو الانتماء للمهنة، وظللت أحدث نفسي. شعوره بالانتماء للمهنة التي أمضى فيها أربعة عقود، وأكثر، هو الذي يبكيه في يوم تكريمه، وفي ختام منشوراه المهني، فانتماء الإعلامي لمهنته هو كلمة السر في نجاحه في مشواره المهني. والانتماء للمهنة -الذي يصفه البعض برغبة الفرد في إعطاء جزء من نفسه من أجل الإسهام في نجاح عمله ومهنته- سيظل بمثابة ثمرة النجاح ودرة العمل، وريحانة التميز في العمل الإعلامي. شرط أساسي –بنظري- للنجاح في العمل الإعلامي، هو الانتماء للمهنة الذي يعتبر سبباً رئيسياً للرضا الوظيفي عما يؤديه الإعلامي من عمل جليل، ورسالة تحمل كل المعاني السامية في المجتمع. فمن يعي قيمة الرسالة الإعلامية، ويفهم طبيعة العمل الذي يؤديه، هو فقط من يشعر بالانتماء لهذه المهنة، ويصبح لديه ولاء لها، فالولاء لمهنة الإعلام أعمق –برأيي- من الانتماء العام، وهو أعظم درجات الانتماء الوظيفي. شغف البعض بمهنة الإعلام يزيد من رونقها، ويشعل نار الغيرة بداخل كل إعلامي على مهنته، فعملية بث الولاء للمهنة، وزراعته في نفوس الإعلاميين هي مهارة مكتسبة بمقدور المسؤولين في أية مؤسسة إعلامية تنميتها وتطويرها حتى تغدو أمراً طبيعياً تلقائيا يمارسه جميع أفراد المؤسسة بشكل عفوي دون تكلف. فالانتماء والولاء للمهنة ليس إدارة أو مكتباً تتركه في يوم ما ليأتي غيرك ويملؤه من بعدك، ولكنه شعور متدفق وإحساس صادق وحب وتقدير للمهنة، وكنموذج شاهدت بأم عيني من يبكي على حرقة فراق مهنته وزملائه في إحدى الصحف يوم تكريمه في ختام مشواره المهني الناجح.اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook