الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

طلاق عابر للبلاد

صوره شخصيه (2) (4)
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
لم يستيقظ من نومه مبكراً ليذهب إلى المدرسة، استغرق في النوم ساعات وساعات فرحاً بذلك ومبتهجاً بغيابه عن المدرسة ومعتقداً أن الجميع قد نسوا أن يوقظوه، جاءت فترة الظهيرة وقام متثاقلاً متجهاً لغرفة أمه ليكحل عينيه برؤيتها وتعطيه طاقة إيجابية يمضي معها فترات يومه لكنه لم يجدها، فتش عنها غرفة تلو الغرفة ولم يجدها، دب الرعب في فؤاده الصغير فعمره لم يكن يستوعب ماذا حدث ولكنه بحث بوجل عن أمه وفؤاده يكاد يصرخ ( وين أمي ؟)، لم يلبث هذا السؤال طويلاً حتى عرف من والده أن أمه قد تم طلاقها، عند ذلك إصابته هستيريا طاغية (ليش أمي تخليني؟) ذهب إلى غرفة أمه لعله يجد شيئاً من رائحتها فلم يبق سوى القليل من ملابسها، فالفقد جداً عظيم ثم انزوى إلى زاوية غرفته مستغرقاً ببكاء حار وأهات قطعت أنياط قلبه الصغير وتظلم الحياة في عينيه الصغيرتين فهو لم يستوعب أبداً ماذا حدث. هذه قصة واقعية قد وقفت على تفاصيلها الأخيرة فالطلاق حدث بسبب أو بدون سبب دون أي التفاتة نحو تلك القلوب الرقيقة التي يقطعها هذا الانفصال الظالم لطفولتها، الأم خليجية والأب سعودي وكلاهما ذهب لحاله؛ فانفصلت تلك الأسرة الصغيرة إلى نصفين متباعدين (الأم وابنتها والابن وأبيه) وحاول كل من له حيلة في إعادتهما من أجل الطفلين ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح. وأُسدلت الستارة على حياة كانت يوماً ما سعيدة وتُرك الطفلان يصارعان قدرهما ما بين أحكام قضائية وتباغض أكل الأخضر واليابس من الود بين أسرتي الزوجين. هذه صورة مبسطة لما يمكن أن يحدث لكل طفل من انفصال الزوجين، فالتشدد وعدم تقديم التنازلات والتفاهم المبني على القيم والمبادئ الإسلامية حتما سيكون فيه انفصال حاد يقضي على كل حبال الود بين الزوجين. للأسف الرجل والمرأة عندما يرغبان بالزواج تراهما يبحثان ويبحثان ويستخيران ويشاوران ويترددان مرات ومرات حتى يرتبطا برباط مقدس هو (الزواج) ، ولكنهما عند الرغبة بالطلاق لا يمران بتلك الترددات والتشاورات والتفاهمات بل إن الطلاق أصبح أسرع قرار يتخذه الزوجان. ليس كل زواج ناجحاً وليس كل زوج (روميو) وليست كل امرأة (جولييت) ، فتلك أساطير لا مكان لها سوى في قصص الخيال. الكل لديه من العيوب والنواقص، وكل حياة مليئة بالعقبات والتحديات، ولكن يجب أن يكون الزوجان على قدر من المسؤولية والبعد عن التنافر المقيت والتماس العذر للطرف الآخر عند كل مثلبة والتعايش الإيجابي من أجل تهيئة الجو الصحي للأبناء وللأسف وقفت على حالات أطفال دخلوا التوقيف وصدرت بحقهم أحكام جنائية وقضائية بسبب انفصال الوالدين، وأنا أعتقد أن طلاق المتزوجين ممن لديهم أبناء طلاق أناني لأنهما لم يبحثا سوى عن متطلباتهما الشخصية بعيداً عن ما يسببه ذلك للأبناء. ما أجمل التأني في الأشياء وتجاهل الهفوات ولين الجانب، وكل تنازل من الطرفين حتما ستكون عواقبه جميلة، فالزواج حكاية جميلة ذات تفاصيل ومشاهد فيها الجيد والرديء وهذه طبيعة الحياة، لكن من المهم جداً أن يكونا الأبوان على قدر كافٍ من الواقعية والاتزان ونبذ الذات لتستمر سفينة الحياة نحو بر الأمان. حقيقة مهمة يجب أن نفهمها ولا ننساها وهي إن الحياة الدنيا ليست مصدر السعادة الحقيقية، بل هناك حياة أخرى يجب أن نسعى نحوها ومن أجل ذلك ستهون كل التحديات التي قد نراها في حياتنا الزوجية. ... مستشار أسري ومدرب معتمداضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook