السبت، 11 شوال 1445 ، 20 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

لماذا يجد الطلاب المواد الدّراسيّة صعبة؟

أ. محسن رجب فياض اليوسف
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
في محاولة لإيجاد إِجَابَة لِهَذَا السؤال، قَامَ باحثون باختيار مجموعة عشوائية من الأشْخَاص وطلبوا منهم حل أحد الألغاز، وعندما لم يعرفوا إجابته قاموا بشرح طريقة الحل وتأكدوا من أن المشاركين فِي التجربة قد تَمَكَّنوا من فهمها، ثم قدموا لهم لغزاً آخر يمكن حله بالطريقة ذاتها، فكانت النَتِيجَة أن ٣٠% فقط من المشاركين فِي التجربة تَمَكَّنوا من حل اللغز الثَّانِي، ولم يتَمَكَّن البقية من حله إلَّا بعد أن تم إخبارهم بأن هذا اللغز يشبه اللغز السابق ويمكن حله بالطريقة نفسها! إنه سؤال معقد والإِجَابَة عليه ذات أبعاد كثيرة، فمن المحير جِدّاً للمعلم أن لا يستطيع الطلاب حل واجب مدرسي يشبه تَمَاماً أحد الأمثلة التي قَامَ بشرحها، ويوجد حلها فِي الكتاب المدرسي، وهذا مَا يعرف بصعوبة نقل المعرفة، فعدم مقدرة الطلاب على حل المسألة الجديدة لا يعني بالضرورة أنهم لم يفهموا الدرس والأمثلة عليه، إنمَا يعْكِس ذلك عدم قدرتهم على نقل هذه المعرفة للمثال الجديد؛ أَيْ الاستفادة مِمَّا تعلموه فِي مدى أوسع. فحتى مع نجاح المعلم فِي إِيْصَال المعلومات وشرح الدروس سيظل بعض الطلاب غير قادرين على الاستفادة من هذا التعلم وتفعيله وحل الأسئلة المتعلقة به، ونستعرض فِي هذا المقال عَدَداً من الوسائل التي يستطيع المعلم من خلالها تعزيز عمليات الْفَهْم ونقل المعرفة لدى الطلاب. أولاً: استخدام المُقَارَنَة: وليس المقصود هنا مُقَارَنَة نوعين من المعلومات فقط، مثل المعلومات الجغرافية لدولة مُقَارَنَةً بالمعلومات الجغرافية لدولة أُخْرَى، وإنما مُقَارَنَة أنواع الأسئلة المختلفة حول الدرس، فبعض الأسئلة تتبع طريقة الحل نفسها، بينما تحتاج أسئلة أُخْرَى للقيام بخطوات مسبقة قبل الحل كتحويل الوحدات مثلاً، أو تقود إِلَى استخدام قوانين مختلفة. بمثل هذا التحليل لمكونات الأسئلة ودلالات مفرداتها التي تقود للحل، وملاحظة أوجه الشبه والاختلاف بينها، يصبح الطالب قادراً على التعامل بمرونة مع الأسئلة التي لم تمر به من قبل، وسيصبح قادراً على تحليل السؤال لمعرفة أَيْ المعلومات التي لديه سيساعده على الحل والوصول للنَتِيجَة المطلوبة. ثَانِياً: توسيع المعرفة السابقة: أثبتت الأبحاث أن المعرفة السابقة تساعد كَثِيراً فِي التعلم والفهم، ولا يقصد بذلك المعرفة بموضوع التعلم نفسه، وإنما المعرفة الواسعة بمدلولات الكلمات ومعانيها، وفهم العبارات والسياقات، ووجود قاعدة من الأساسيات العلمية واللغوية والتاريخية. فليس صحيحاً أن الإِنْتَرْنِت جعل حفظ جداول الضرب، والقوانين الفيزيائية، والأحداث التاريخية، والتوزيعات الجغرافية والمناخية، أمراً لا جدوى منه، فالعقل يبني المعرفة الجديدة على أساس المعرفة السابقة، ويستمد قدرته على الْفَهْم والتحليل والاستنتاج من مَا يجده موجوداً فِي الذاكرة بعيدة المدى، وَإِذَا لم يكن الطالب واسع المعرفة فلن يستطيع فهم صيغة السؤال ومعنى الأمثلة التي تقدم له، ولن يكون قادراً على الربط بينها وبين المعرفة الجديدة التي ستضاف إِلَيْهِ أو يسأل عنها. ثَالِثاً: ضرب الكثير من الأمثلة: عندما تضع المعلومات المجردة فِي مثال فإنك تسهل على العقل استقبالها، وكلما كَثُرَتْ الأمثلة وتنوعت فإنها تتيح للعقل رؤية المعلومة بأشكال مختلفة، وربطها بجوانب متعددة فِي الحياة، فالأمر بمثابة تمرين للطلاب على نقل المعرفة؛ لأنه مع تنوع الأمثلة التي قاموا بتطبيق المعرفة فيها سيصبحون أكثر ثقة فِي قدرتهم على الاستفادة من هذه المعلومات، وتطبيقها مهما اختلَفَتِ الأسئلة أو المواقف الحياتية المتعلقة بذلك. رَابِعاً: التمارين تجعل الكثير من العمليات سريعة ومتقنة: عندما يقوم الطلاب بأمر مَا لمرات عديدة فإنهم سيصبحون قادرين على القيام به بسرعة أكبر فِي المرات التالية، فعملية الضرب مثلاً تحولت بالنسبة إِلَى الكثيرين إِلَى عملية آلية تؤدى بسهولة دون بذل مجهود، لكثرة التعامل مع جداول الضرب ولوجودها فِي الذاكرة بعيدة المدى للعديد من الطلاب، وأي نوع من المعرفة يمكن أن تصبح بعض أجزائه سهلة التطبيق عند التمرن عليها بكثرة؛ مِمَّا يُتِيح الوقت للتعامل مع التفاصيل الجديدة، وتحديد المعطيات وطرق الوصول للنتائج، وما إِلَى ذلك. ولا تزال الأبحاث التعليمية تسعى للوصول إِلَى المزيد من الوسائل التي من شأنها تعزيز عملية الْفَهْم، وتمكين نقل المعرفة، وإِخْرَاج جيل يتقن استخدام المهارات المبنية على المعرفة، والتي ظل يكتسبها لسنوات طويلة من التعليم المدرسي.  اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook