الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

من أجل محيط مدرسي آمن من الجنوح

فرج وافي الخنفري
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

 ليس من شك ... أن حماية الطالب من الجنوح، هو حماية للمجتمع ككل .. وتحصين له من الفساد والضرر ...

اضافة اعلان

ومن الأهمية القول ... أن السبيل إلى ذلك ليس بالأمر اليسير؛ إذ يتطلب جهدًا متواصلًا ومثابرة، وتطبيق عملي فعال للنظريات التربوية الناجحة في هذا المجال، وصبراً في اتباع استراتيجية   التعديل والتعزيز والتقويم والتطوير في توجيه السلوك البشري.

وكخطوة أولى مهمة، يجب عمل اجراءات منظمة للتدابير المتخذة بهذا السبيل؛ وهي تدابير غير عقابية، يقصد بها محاصرة السلوك الجانح بغرض استبعاده عن المحيط المدرسي للطلاب.

ولما كان أكثر ما يتأثر به الطلاب هو التعلم بالملاحظة او التقليد، أو ما يمكن تسميته " بالنموذج"، فالطالب نتاج تفاعل بين محددات معرفية سلوكية ومحيط نماذج قاعدية, الأسرة وافردها, ونماذج قاعدية ثانوية, المدرسة ومحيطها, فإنه من المفيد العمل في هذا الاتجاه باستبعاد النماذج المنحرفة التي قد تلهم هؤلاء الطلاب سبيل الفساد، فالتركيز على دراسة هذه النماذج، وشرح ما يكتنفها من سلبيات، ووضع إجراءات صارمة لمحاصرتها وكشف خطرها، فمثلاً ظاهرة "التفحيط" وما يسمى "الدرباوية"؛ قد تتحول إلى مرحلة نموذج مثير يجذب الطلاب من خلال تكرار المشاهدة ومدة العرض لهذه الظاهرة السيئة, ثم مرحلة استجابة, تتأثر بعواقب السلوك الملاحظ, وتعتبر هذه المرحلتين مصدراً اساسي للتعلم بالملاحظة في العصر الحديث, فإن لم يتم التصدي لها، بالعزل والاستبعاد عن المحيط الدراسي كتدابير اوليه واظهار  هذه الظاهرة في معاقبة مرتكبي هذه السلوكيات المنحرفة وتشويه رمزية تمثلها  في ذهن الطالب وشرح حقيقة أنها محض تهور، ونوع من عدم المسؤولية، واعتبار هذا التصرف تصرفًا يرقى إلى مرحلة الجريمة المستوجبة للعقاب القانوني كتدابير ثانوية، ويتم دعم ذلك بصور الأفلام المروعة لنتائجها والحوادث المؤلمة التي تسببها, لكي تنعدم استجابة الانسان في نظرية "البير باندوا" لما يلاحظ من عواقب سلبية ومؤلمة للفاعل.

لا ينبغي السماح بتعزيز هذا السلوك بالتهاون في تواجده قريب من محيط الطالب ، فكشف هذه السلوكيات، وتوضيح حقيقتها، ودعمها بإصدار قوانين صارمة مطبقة, هو السبيل الوحيد لردعها والحد من انتشار شررها الأنحرافي, بجانب التركيز على التدابير الوقائية، من بذل سبل الرقابة من قبل لجهات الرسمية المسئولة، وذلك عبر المراقبة الصارمة لمحيط المدرسة، ومراقبة ومتابعة السيارات المخالفة، وكل مظاهر الجنوح الوافدة إلى هذا المحيط العلمي.

وبمقابل جهد استبعاد النماذج المنحرفة، يتحتم العمل على تعزيز السلوكيات السوية، وتعزيز الصورة المشرقة, جذب نماذج داخل المدرسة، وحول محيطها، ليتسع هذا التعزيز ليشمل المجتمع، وأجهزة الإعلام، وحياة الطلاب المجتمعية والثقافية. عبر تعزيز العلاقات الاجتماعية والثقافية بين الطلاب أنفسهم، ومع معلميهم، وعبر الأنشطة الأدبية، والثقافية، والرياضة الجماعية؛ إذ كلما اتسع النشاط الثقافي، والعلمي، والرياضي، الجماعي؛ كلما تراجعت التصرفات التي تعتمد على العنف، والإساءة، والعدوان, واتجهت حياة تصرفات الطلاب إلى عوامل بناء أكثر سمواً وتحضراً في سلوك التسامح والتعاون .

وأخيرًا يلعب المجتمع المدرسي بطلبته ومعلميه ومحيطه الجغرافي، ككل دورًا أساسيًا في الوقاية والتقليل من السلوكيات المنحرفة، وتعزيز وتثبيت دعائم السلوكيات الحميدة، في النماذج المثلى في المجتمع البشري والاقتداء بها.

كتبه/ فرج وافي الخنفري.

باحث دكتوراه في علم النفس الجنائي

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook