الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

عيدٌ بلا نزاعات!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
 

هل مرّ عليكم عيد بلا نزاعات؟! احمدوا الله إن كنتم تتمتعون بأعيادكم في هدوء وراحة بال؛ فهذه نعمة كبيرة. ولكن لو طرحت السؤال بصيغة مختلفة وقلت: هل تسمحون للنزاعات بأن تفسد عليكم أعيادكم؟! ربما ستكون الإجابة أفضل! لا سِيَّمَا ونحن نقترب من مرحلة الاسْتِعْدَادات المكثفة لعيد الفطر.

اضافة اعلان

لكن هل كل النزاعات التي تقع بين الأزواج في مواسم الأعياد تعد مشكلة! أم أنها في الغالب طبيعية، ولا تستدعي القلق؟ هل يمكن بالفعل تجاوزها أو على الأقل تخفيف حدتها فلا تكون سبباً في خصام نكد يفسد حلاوة العيد على أَفْرَاد الأسرة!

تزداد النزاعات عُمُومَاً بين الزوجين في فترة الاسْتِعْدَاد للعيد، غَالِبَاً بسبب كثرة القرارات التي يحتاج الزوجان اتخاذها، وخَاصَّة تحت ضغط الوقت والالتزامات العائلية الأخرى. هذه القرارات تتراوح بين وقت التسوق، أو المبالغ المالية المخصصة لذلك، أو نوع المشتريات، إِضَافَة إلى الاتفاق على جدول مناسبات أَيَّام العيد، مثل قضاء يوم العيد عند أهل الزوج أو أهل الزوجة، ولا سِيَّمَا ما يرتبط منها بسفر.

تنشأ المشكلات بين الزوجين في كثير من الأحيان ليس بسبب الطلبات المتبادلة بينهما، ولكن بسبب الطريقة التي يقدم بها الطلب! فبَدَلاً من أن تطلب الزوجة من زوجها قائلة: "لازم تأخذني للسوق الليلة"! يمكنها أن تقول: "ممكن توصلني للسوق، لأني أحتاج شراء ملابس للأطفال"؟! تقديم الطلب بصيغة التخيير بَدَلاً من فرض الإرادة يجعل الطرف الآخر أكثر ميولاً للاستجابة والموافقة على تحقيق الطلب.

المرونة بتقديم خيارات مناسبة تقلل الخلافات، مثال: "هل يناسبك أن نذهب للسوق الليلة أو غَدَاً بعد صلاة العصر! أيهما أنسب لك"؟ كما أن إعطاء الطرف الآخر حرية القرار يسهل موافقته، والتشاور يخفف التوتر وشدة الممانعة، مثل: "ما رأيك لو نذهب للسلام على والديك ومعايدتهم والجلوس معهم حتى العصر، ثم نذهب إلى أهلي لنسلم عليهم"؟!

لا تعرضوا مواقفكم بمنّة، فبَدَلاً من: "ألا يكفي أنني أذهب معك لاجتماع أهلك وأنا كارهة؟!" يمكن قول: "سنذهب كلنا معك للسلام على أهلك، ولكن أخواتي سيجتمعن عند أمي بعد صلاة العصر، فهل يمكنك إيصالي في هذا الوقت"؟!

أيضاً، تجنبوا المقارنات مع الأشْخَاص الآخرين، فلكل شخص ظروفه. فليس من المناسب للزوج أن يعاتب زوجته قَائِلاً: "زوجة أخي تقضي يوم العيد كل سنة مع أهلي"، يمكنه أن يقول: "أعلم أنك تودين الاجتماع بأهلك، وأشكر لك حضورك معي لمعايدتهم"!

ليس من المروءة أن يضغط الزوج على زوجته بأسلوب أناني لا يراعي احتياجاتها وظروفها، ولا يحق له أَيْضَاً أن يستخدم نفوذه أو سلطته لحرمانها أَيَّام العيد من رؤية والديها وأخواتها، فهي مازالت ابنتهم وتأنس بالاجتماع معهم، وهم يفرحون بحضورها معهم! وأَيْضَاً لا يليق بامرأة عاقلة أن تستغل طيبة زوجها، فتلجئه إلى هجران والديه في هذه المناسبة، أو تخصيص وقت قليل لزيارتهما.

مراعاة الميزانية مُهِمَّة، فحينما تكون المشتريات مرتفعة الثمن ولا تتناسب مع دخل الزوج يصبح القبول بها صعباً، صحيح أن الزوج ملزم بالإنفاق على زوجته وأبنائه، ولكن هذا يتم بالمعروف. فهو ليس ملزماً بأن يوفر لها مثل ما يقدم الرجال الآخرون. الكلمة الطيبة، والأسلوب الحسن، والتخطيط المناسب، يمكن أن يحقق ما لا يمكن تحقيقه بالمشادة اللفظية أو محاولات الضغط.

وفي المقابل أيضاً، فإنه ليس من الرجولة أو المروءة في شيء أن يكون الرجل سخياً مع أهله، بخيلاً مع أهل زوجته! التوازن بينهما مهم، وله أثر إيجابي عليها وعلى أسرتها. فالزوج الذي يريد أن تتعامل زوجته مع أهله باحترام وتقدير، يَجْدُر به أن يقوم هو بالعمل نفسه، وألا يشعر زوجته بأنه ينظر لوالديها نظرة أقل من نظرته لوالديه!

لو طرأ نزاع، فمن الأفضل عدم الاستمرار في الجدل، أو ابتعاد أحدهما قليلاً عن المكان حتى تهدأ النفوس، وغَالِبَاً ستعود المياه لمجاريها بعد أن يخف الشد في الحديث، أو تتغير المواقف بعض الشيء. العيد فرصة اجتماعية جميلة، تفسدها مبالغات الاسْتِعْدَاد لها، ونسيان الحكم من ورائها! تذكروا أن صفاء النفوس وأخذ الأمور ببساطة؛ يجعل العيد بالفعل مناسبة سعيدة.

د. محمد بن عبدالعزيز الشريم

@mshraim

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook